12‏/12‏/2010

زهرة الدموع

في الحقول الصفراء بين العشب , شد انتباهها زهرة زرقاء رائعة الجمال كأنها تناديها , أسرعت إليها ولمستها بحنان كانت ناعمة , تعلقت بها كثيرا وحبتها وذهلت لسحر جمالها , أرادت اقتلاعها وأخذها لكنها تراجعت .. عادت إلى بيتها وكلها شوق لتلك الزهرة , حتى في منامها حلمت بها , كانت في لهفة للصباح لتذهب الى الحقل وتراها .. وما أن أشرقت شمس الصباح حتى توجهت إلى الحقل .. لكنها لم تجدها ! حزنت كثيرا وجلست على الأرض وبكت كثيرا , لم تعتد أن تبكي بمثل هذا الشكل حتى أن دموعها بللت التربة .. انتظرت النهار كله لعلها تنمو من جديد لكنها لم تعود , رجعت خائبة الأمل إلى بيتها في المساء .. نامت حزينة ولم تفقد الأمل بلقاء الزهرة مرة ثانية . 

في اليوم التالي , حملت معول صغير وذهبت إلى الحقول , لكنها لم تجد الزهرة هناك , اعتقدت أنها اختبئت داخل الأرض .. أخذت تحفر بالمعول حتى تعمقت كثيرا , هدها التعب ونامت داخل الحفرة ولكن دموعها لم تتوقف , امتلأت الحفرة بالدموع وارتفعت الفتاة النائمة حتى قذفتها الدموع خارج الحفرة , استفاقت من نومها فوجدت الزهرة الزرقاء أمامها وقد كبر حجمها كثيرا , تفتحت الزهرة وكانت جميلة وجذابة , اقتربت الفتاة منها وأدخلت رأسها بداخلها لكن الزهرة أغمضت وسحبت الفتاة لداخلها , شاهدت الفتاة ظلمة حالكة وكأنه ممر وفي آخره نور أحمر .. سارت للأمام حتى وصلت عند مصدر النور الأحمر , شاهدت وادي سحيق يشتعل نارا وبداخله أناس يعذبون , وكائنات غريبة وبشعة تضربهم وتعذبهم , أرادت أن تصرخ من الخوف لكن الزهرة تفتحت وقذفتها للخارج .
لم تستوعب الفتاة ما جرى ووقفت مذهولة .. تحركت الزهرة وتكلمت وقالت : مرحبا يا فتاة , في الأمس كنت في الجحيم ولكني عدت الآن .. قالت لها الفتاة : ولكن ماذا تفعل زهرة جميلة مثلك في الجحيم ؟ قالت الزهرة : ذهبت هناك عن طريق الخطأ , سأروي لك الحكاية , كنت في حديقة أحد المنازل , كل يوم أكبر وأصحاب المنزل كانوا طيبون ويعتنون بي كثيرا ... لكن جاء يوم لم أدري ما حصل , تشاجر الزوج مع زوجته شجارا عنيفا وضربها كثيرا , لم يسعفها أحد وماتت بعد مدة قصيرة .. لم يكن هناك قانون يحكم ليحاسب المجرمين , لذا بقي الزوج طليقا دون عقاب , بعد موتها بمدة شعر بتأنيب الضمير اتجاهها وأراد أن تسامحه على فعلته الشنيعة بحقها , أخذني من الحديقة وذهب إلى قبر زوجته وأخذ يبكي لتسامحه .. كان القانون يوم ذلك " من يرتكب ذنبا كبيرا سيعاقب في الجحيم " عندها زوجته لم تسامحه .. جائت كائنات من السماء وحملت الزوج وأنا كنت في يده وذهبوا به إلى الجحيم ليعذب هناك إلى الأبد , ولأني مخالف لطبيعة الجحيم حيث لا جمال هناك , فبإمكاني العودة إلى الأرض ولكن ليس إلى الأبد لأنني إرتبطت بذلك الزوج , وقد اخترت هذه الحقول لأنمو فيها .. وهذه هي قصتي , قالت الفتاة : لا يجوز أن تبقي في الجحيم وتبقى الجحيم بداخلك ! يجب أن تتحرري منها .


أخذت بيدها من الدموع في الحفرة وسكبتها داخل الزهرة واستمرت بذلك لشهر دون كلل أو ملل , لعل الدموع تطفيء حر الجحيم .. جرى نهر من الدموع داخل الجحيم يحمل رسالة تلك الزهرة , لكن تلك الكائنات صعدت الوادي لترى مصدر ذلك النهر , أخبرت الزهرة الفتاة أن تختبأ فورا .. خرجت تلك الكائنات من الزهرة إلى الأرض , وعادت الزهرة الزرقاء الى حجمها الطبيعي , أخذت الكائنات تتفحص نهر الدموع لكن الفتاة أسرعت ودفعتهم بداخلها , سحبت الزهرة من الأرض وهربت بعيدا لمسافات طويلة جدا حتى تعبت وقد وصلت إلى صحراء كبيرة , نامت على الرمال البيضاء ووضعت زهرتها بجانبها وكان القمر يحرسهما .

6 تعليقات :

محمد ملوك يقول...

أسعدني القراءة لك
قصة بأسلوب جميل
تحيتي ومودتي

amjad yaseen يقول...

أهلا أخي محمد .. سعدت بوجودك

pretty yoyo يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم..
قصة رائعة وفكرتها غريبة فى نفس الوقت...
أهم ما يميز أسلوبك اخى سر الارض :الغموض......شىء رائع!!!
وتجيد فى قصصك ان ترسم للقارىء فكرة او عاطفة ما بطريقة غير مباشرة....وليس كبعض القصص التى لا هدف لها
كما ان الفكرة الغريبة لقصتك تدل على تفرد وتميز تلك المدونة

فهنا ابرزت احساس الاعجاب بالشىء من النظرة الاولى وكيف يمكن لذلك ان يدفع الانسان للتضحية بالكثير....

(اعذرنى ان كنت اطيل الكلام فى تعليقاتى...ولكن عند قراءة القصص بالذات فانى أحب التحليل والانتقاد )
تحياتى....

amjad yaseen يقول...

أهلا بك اختي pretty yoyo صديقة المدونة الدائمة.

غير معرف يقول...

لا نهاية للقصة ولكنها جمييله

amjad yaseen يقول...

السلام عليكم ..

أنا بصراحة غير مهتم بهذا الجانب من الحياة ..
كتبت قصة واحدة عن التضحية والحب , أي ليست رومانسية بشكل كبير , اسمها "الشفق الأحمر" ابحثي عنها في مربع البحث .

شكرا

إرسال تعليق

اترك تعليقك على القصة ...

 
كافة الحقوق محفوظة للكاتب © 2021