3‏/1‏/2011

24 ساعة من الليل , ج 2

توقف ساعي البريد بجانب الشركة حاملا ظرف بريد إلى سامر , أعطاه للحارس وهو بدوره أوصله إلى مكتب سامر , أمسك البريد وأخذ يبحث عن اسم المرسل لكنه لم يجد سوى .. إلى العزيز سامر , أخرج الرسالة بلهفة وأخذ يقرأ .. لقد استغربت من هذا البريد , لا بأس .. أنا أعرفك حق المعرفة , أنت غير متزوج وتعمل في شركة تأمين , أحب أن أبوح لك بمشاعري اتجاهك , أنا أحبك فعلا وأتمنى أن تكون زوجي في يوم من الأيام , إن أردت التحدث إلي فاتصل بي , رقمي خلف الرسالة . نجمة الشرق .. لم يتردد في الإتصال , أمسك هاتفه الجوال وأخذ يكتب الرقم ثم وضع الهاتف على أذنه , كان قلبه ينبض بقوة شوقا لصوت هذا المحب .. فتح الخط , كان المتكلم فتاة .. ألو , سامر .. كيف حالك , أرجوا أن لا تكون انزعجت من رسالتي , ما رأيك أن نتقابل ! اختر مكان للمقابلة .. أراد التكلم لكنها قاطعته .. حسنا في المقهى القديم , أعلم أنه مكانك المفضل , بعد ساعة .. لا تتأخر .. لم يتفوه بأي كلمة طيلة المكالمة , واحتار في أمر هذه الفتاة كيف تعرف عنه كل هذه الأمور , لبس جاكيته واستأذن للخروج .. ركب سيارته وانطلق مسرعا إلى المقهى القديم .

أوقف سيارته بجانب المقهى ودخل بضع خطوات ثم توقف .. أخذ يبحث يمينا وشمالا , لكنه لم يجد فتاة تنتظر وحيدة .. نظر إلى ساعته وإذا به جاء قبل الموعد بنصف ساعة , علم أن عليه الإنتظار حتى مجيئها .. أراد الدخول , إذا بيد تربت على كتفه , إلتفت مسرعا إذا بفتاة صغيرة في الثامنة عشر من عمره تقف خلفه وتبتسم له , حدق بها وأشار لها بإصبعه وقال .. أنت ؟! .. قالت .. نعم أنا هي , أرى أنك جئت قبل الموعد وكنت أعلم أنك ستفعل ذلك , هيا بنا نجلس .. جلسا على طاولة من الطراز القديم وكان بصره لا يبتعد عنها وهو في حيرة من أمرها .. فتح شفتيه ليتكلم لكنها قاطعته .. أعلم أن في ذهنك عشرات الأسئلة نحوي , لا بأس .. أنا أدعى نجمة الشرق وهذا هو اسمي حقا , واعجبت بك عندما رأيتك في احدى المرات تقف أمام الشركة .. تكلم أخيرا .. أنا أعلم أنك تريدين التسلية وفقط ! منذ أن كلمتك على الهاتف وأنا لم أتفوه بكلمة واحدة , يبدوا عليك طفلة تريد اللعب , لقد تأخرت عن عملي .. وخرج وهو يتمتم , بينما الفتاة لم تحرك ساكن وبقيت جالسة .

دخل الشركة وعاد لمكتبه وباله مشغول بتلك الفتاة كثيرا .. لما لا يتزوج ويستقر لربما ينتهي كابوسه الذي لازمه لسنوات .. حمل هاتف ليتصل بها حتى يعتذر عما بدا منه لكنه تراجع , حاول عدة مرات لكن شجاعته لم تسعفه .. مر اسبوعين دون أن يتلقى منها أي خبر أو رسالة , اعتقد أنها فارقته وندم على تصرفه الغبي جدا .. تشجع هذه المرة وحمل هاتف واتصل بها.. تفاجئ بكون رقمها غير مستخدم على الشبكة , عرف أنها استائت منه وغيرت رقمها .

بعد شهر تلقى بريد باسمه ... عزيزي سامر .. تعلم أنني لن أنساك أبدا , وأردد كلامي لك أنني معجبة بك .. قابلني في المقهى القديم فور قرآتك لرسالتي , أنا أنتظرك .. نجمة الشرق . لم تسع الدنيا فرحته عندما قرأ الرسالة , جهز نفسه بسرعة وخرج  لملاقاتها .. جلس بجانب احدى الطاولات القديمة لينتظر قدومها , وما هي إلا لحظات حتى جائت مطلة من باب المقهى , جلست أمامه على الطاولة وأخذت تنظر إليه , سألها : أين أهلك ؟ قالت وهي تبتسم : لقد ماتوا في الحرب ! قال : إنه خبر سيء , المهم أنا وافقت على الزواج منك .. متى سنحدد الزفاف ؟ قالت : غدا وبسرعة ! .

في اليوم التالي أقيم حفل زفاف صغير وهادىء لم يحضره سوى القليل من أصدقاء سامر في العمل بناءا على طلب الفتاة .. وهكذا تزوج سامر وعاد لبيته مع زوجته الصغيرة بعد أن غاب عنه لمدة شهرين , تزوج لينسى كوابيسه وآلامه لكنه لم يعلم من تكون زوجته التي قضى معها عشرة أشهر بسعادة غامرة .

في الثلاثين من كانون الأول في الليل عند الساعة 11.45 استفاق من نومه على صوت غريب في الغرفة , أشعل الضوء فوجد زوجته واقفه عند النافذة والصوت يصدر منها , أسرع إليها والقلق باد عليه , سألها .. ما بك يا عزيزتي , هل هناك مشكلة ؟ .. لم تلتفت إليه وخاطبته بصوت يشبه الحشرجة .. ابتعد عني , لا تلمسني .. غاد البيت حالا ! .. لكنه أخذ يكثر من أسئلته لها مما دفعا للإلتفات إليه , صرخت به .. قلت غادر المنزل حالا ! .. كان وجهها يتشقق وكذلك جسمها , وما أن رآها حتى هرع ينزل الدرج وهو يصرخ .. لا أريد أن تتكرر تلك الليلة .. خرج من بيته ولم يبتعد سوى قليلا حتى دقت الساعة 12.00 منتصف الليل , عندها أصبح كل شيء مكرر بنفس التفاصيل التي عاشها في تلك الليلة قبل ثلاثة أعوام مضت , غاص جسمه في التربة وعاد الصراخ المفزع وعاد الليل الطويل ليستمر 24 ساعة من الرعب .. بعد انتهاء الليل الطويل في الساعة 5.59 صباحا هدأ كل شيء ثم أنار البيت كله بنور قوي وبعدها صعد النور إلى السماء ليشكل نجمة في الشرق .. اختفى الليل وأشرقت الشمس من جديد .

ابنتي ليست انسانة

صعد بحذر إلى غرفته ليتفقد الأمر , فوجد طفلة رضيعة نائمة على السرير تمسك برسالة .. فتح الرسالة وقرأ : هذه ابنتك , اعتني بها .. شكرا لك , لقد عدت إلى السماء . نجمة الشرق , لم يدري ما سيفعله بتلك الطفلة , لأنه كان على يقين بانها ستكون كأمها .. تركها على السرير وذهب إلى الجبل ليبكي على ما أصابه .. قضى اسبوع هناك لم يدري ما حل بالطفلة .. كانت حالته يرثى لها حتى انه أصبح شبه مجنون .. دائما ينظر لزوجته التي أصبحت نجمة ويبكي بحرقة على حظه في هذه الدنيا ..

بعد اسبوعين جائت إليه فتاة وهو جالس تحت النجوم .. قالت له .. أبي , لا تبكي لأن امي اختارتك لتكون أبا لذريتها وها انا قد ولدت ... صاح من الخوف .. يا إلهي ! , كيف أصبحت كبيرة وانا تركتك منذ أسبوعين فقط ؟ قالت : جنسنا يا أبي لا يعيش سوى ثلاث سنوات لذا يكبر بسرعة حتى نصبح بعمر الشباب ثم نعود إلى النجوم كما كنا .. بعد اسبوع مات سامر بعد ان أصابته نوبة قلبية من هول الموقف .. بينما ابنته الغريبة استمرت على نهج أمها ليستمر جنسها إلى الأبد .



14 تعليقات :

pretty yoyo يقول...

(little princess سابقا)
بسم الله الرحمن الرحيم.....
يسعدنى ان اكون اول المعلقين......لا تتخيل كم كنت اتحرق شوقا لرؤية الجزء الثانى!!!
وبصراحة لا اعرف ماذا أقول........
من خلال ما قرأته فى القصة وتسلسل أحداثها الذى يسير فى تناغم عجيب بين الجزأين.... قد أكون شبه متأكدة انها اخذت منك الكثير من الجهد......ولكن اذا اردت رايى استاذ أمجد ان القصة تستحق!!!
تحياتى اليك.....

amjad yaseen يقول...

بعد كتابة الجزء الأول بيومين بدات بكتابة الجزء الثاني وانتهيت منه بالأمس .. وقد كنت مشغولا لذالك تأخرت قليلا .

the Nightmare يقول...

وحش الوحوش...(سابقا)

السلام عليكم

مذهل.. صراحة انا معجب جدا بخيالك الجامح الذي لا يذبل اخي سر الارض واتمنى لك مزيد من الابداع والتميز..

ويعطيك العافية.

pretty yoyo يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم...

أستاذ امجد......عندى سؤال:
لماذا تكتب فى قصصك : كانون الاول..... ومثلاآب أو تموز ؟؟؟
لماذا لا تكتب : يناير......مارس.....يونيو؟؟؟
قد يكون سؤالى سخيفا بعض الشىء.....لكن الامر يشغل بالى واردت ان اعرف

تحياتى

amjad yaseen يقول...

كانون أول هو اسم عربي .. أما يناير ومارس ويونيو أسماء أجنبية .. وأنا أصلي عربي .. هل عرفتي الآن ؟ .

pretty yoyo يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم....

رأى جميل ووجهة نظر سامية...........
ولكن كانون الأول وآب و تموز وحزيران .....((شهور قبطية)) ولهذا سألت السؤال..

يناير...فبراير..... مارس ((شهور أفرنجية))

أما الشهور العربية ..فهى التى تتبع التاريخ الهجرى...محرم ...صفر....ربيع أول..

تحياتى

amjad yaseen يقول...

أعلم ذلك .. ولكن في اللغة الإنجليزية لا يكتبون كانون أول أو آب بل يكتبون يناير أو يونيو .. الخ , أما في اللغة العربية فإن الأسماء القبطية منتشرة على الرزنامات وليست الأجنبية .. ونحن لسنا بصدد كتابة الشهور الهجرية هنا .. وانت تعلمين أنها قصة خيالية حتى لو أطلقت على الشهر اسم أحمد لا يعيبها لأنها خيالية أي غير واقعية ولكن الترتيب والتوضيح والحبكة تضيف المتعة للقصة ..
تحياتي

pretty yoyo يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم...

الآن فهمت ما تعنيه....وعلى كل حال هذا فعلا لا يعيب القصة وما زالت رائعة

تحياتى

غير معرف يقول...

أسجل إعجابي الشديد بالكاتب وبهذا الخيال الواسع الذي يملكه .

وبسرده الرائع للقصة .فيشد القارئ لأن يستمر في القراءة لمعرفة النهاية

بورك قلمك سيدي الكاتب (سر الإرض )

وأتمنى معرفة اسم الكاتب الحقيقي

amjad yaseen يقول...

أهلا أخي .. إسمي أمجد ياسين

عـ.عـ.مـ. يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأما بعد , , ,

أنا e40u و أشارك في موقع ما وراء الطبيعة ، أريد أن أعترف بشيء لك ، موقعك أجمل وأروع وأكثر إخافةً من موقع ما وراء الطبية لأن لديك خيال واسع ومخيف :] بكل صراحة موقعك أكثر من رائع.
وشكراً يا أخي أمجد على هذه القصص الجكيلة.
أخوكم: عيسى.

عـ.عـ.مـ. يقول...

الكلمات الخاطئة:

1-ما وراء الطبيعة.
2-القصص الجميلة.

أعتذر على خطأي الإملائي.
وشكراً.

amjad yaseen يقول...

أهلا أخي "عـ.عـ.مـ." أنا مسرور جدا بوجودك

غير معرف يقول...

السلام عليكم القصة جنيلة لكن لو كثرت احداثها وطالت لكانت اجمل لقد حزنت لانها انتهت بسرعة شكرا وموفق

إرسال تعليق

اترك تعليقك على القصة ...

 
كافة الحقوق محفوظة للكاتب © 2021