11‏/4‏/2011

شتاء عام 1800 جزء 1

في حزيران عام 1800 أعلن نابليون الحرب على النمسا , من شدة خوف الناس منه دفعهم للنزوح من مناطق عدة في النمسا .. على الحدود مع إيطاليا تقع مدينة "كلاغنفورت" كان أهل تلك المدينة يعيشون حياة بسيطة , أعمال يومية , زراعة ومواشي بعيدين عن المشاكل السياسية , كان خبر إعلان نابليون الحرب على النمسا كالرعب القادم مع الريح , انتشر الخبر بسرعة كالنار في الهشيم .. لم يطول وصول الخبر إلى أقصى النمسا في مدينة "كلاغنفورت" ما كان من السكان إلا الرحيل , حملوا أمتعتهم هاربين إلى إيطاليا للنجاة من الموت ومن بطش نابليون .. كادت المدينة تخلوا من السكان , كل يوم يمر يتقلص عددهم بسرعة كبيرة .. بعد ستة أيام خلت المدينة من السكان , الجميع غادر .. كانت المدينة مظلمة , لكن في وسط الظلمة هناك بيت صغير ما زال يضيء , ما زال حي .. صوت بكاء فتى خائف يقنع جده بالرحيل لكن الجد مصر على البقاء , لا يستطيع ذلك الفتى الرحيل وحده , ليس له أحد في هذه الدنيا سوى جده العجوز .. قال له جده .. يا بني إن أردت أن تهرب فاذهب , لكن أنا عجوز لا أقوى على الحراك , سأبقى هنا في بلدي ولن أغادر , فلم يجد الفتى سوى البقاء مع جده في وطنه .

في اليوم السابع شن نابليون هجومه على النمسا , هجوما ساحقا .. لكنه واجه مقاومة من القوات النمساوية , فهزمهم في معركة مارنجو في نفس الشهر , عندها فقد من تبقى من سكان النمسا الأمل وغادروا النمسا إلى إيطاليا , الجد والفتى"ألآن" بقيا في "كلاغنفورت" أمضى الفتى وقته متمسكا بجده وكأنه ينتظر قدوم جنود نابليون لقتلهم .. بسبب بعد مدينة "كلاغنفورت" ووقوعها في أقصى النمسا تأخر نابليون في الوصل إليها وكذلك بسبب المقاومة التي واجهها من سكان المدن الأخرى ... بعد شهرين وصلت قوات نابليون إلى مشارف "كلاغنفورت"  كان الفتى يراقب قدومهم كل يوم , عندما وصلوا أخبر جده بذلك , لم يجد الجد سوى الرحيل والمبيت في الجبال .. أخذ الفتى معه وسار إلى الجبال العالية .. أقام في كهف لمدة شهرين بينما احتلت قوات نابليون المدينة ونهبوا كل ما وجدوه .. جاء الشتاء باكرا تلك السنة , ثلج ومطر شديد عانى منه الجد والفتى في الكهف , حيث لا غطاء ولا دفىء يحميهما من البرد .. لم يطق الجد هذه المعاناة .. لذا بدأ يحتضر , تمسك الفتى بيده وهو يبكي ويرجوه بألا يموت , قال له الجد بكلمات ذابلة .. لا تظن يا بني أنني هربت خوفا منهم , لا , لكني هربت حتى تحيا أنت , وببقائك حيا ستعيد سكان النمسا إلى وطنهم وستدحر العدو , ستطل سفن العائدين من خلف البحر البعيد ليأتوا لوطنهم من جديد .. ثم مات الجد وترك "ألآن" وحيدا يصارع للبقاء .

ترك "ألآن" الكهف بعد أن دفن جده ووضع على قبره علامة حتى ينقله عندما تعود البلاد .. انطلق "ألآن" إلى الغرب بحثا عن سكان النمسا الهاربين .. سار طويلا في البرد والثلج والجوع والعطش ليعيد بلاده من الغاصبين , إنه يعاني بينما هم ينعمون بدفىء بلاده وخيراتها ... دخل الحدود الإيطالية , قريبا من الحدود وجد مخيم كبير جدا يضم كل من هرب من النمسا .. دخل المخيم باحثا عن الطعام والشراب .. أقام في المخيم اسبوعين علم فيهما أن عدد كبير من السكان ترك إيطاليا وغادروا في البحر , لحقهم "ألآن" عبر البحر مستقلا قاربا صغير في اتجاه الغرب , لأن جده قال له .." ستطل سفن العائدين من خلف البحر البعيد ليأتوا لوطنهم من جديد " ..

يتبع في جزء ثاني ..

2 تعليقات :

pretty yoyo يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم.....
سعيدة اننى هنا.....واننى اول من يعلق....

شكرا على القصة استاذ امجد.....جميلة بالفعل وانا متشوقة لقراءة الجزء الثانى جدا......

تــــــــــــــحـــــــــيـاتى

مُسيَّد المومني يقول...

يسلموا ايديك
وننتظر الجزء الثاني امجد
بالتوفيق

إرسال تعليق

اترك تعليقك على القصة ...

 
كافة الحقوق محفوظة للكاتب © 2021