8‏/12‏/2010

ذكريات من النافذة

تسمع صوت ضحكات الأطفال في الأسفل , تبتسم وتنظر من تلك النافذة الصغيرة في غرفتها ... تستطيع أن تراها إنها الذكريات الماضية , ترى نفسها وترى أصدقائها الصغار يلعبون ويضحكون ولا يكترثون لشيء , فلتذهب الأحزان والهموم إلى الجحيم , لا شيء سيوقف ابتسامة الصغار , ما أجمل تلك النافذة تستطيع أن تفتح ذكريات الزمن الجميل .. تراها كشريط فيديو أمامها وهي تضحك على نفسها كم كانت بريئة وجميلة .

فجأة ! تدخل أمها .. هيا يا سارة حان وقت الغداء .. كررت كلامها , لكن لم تلقى إجابة , اقتربت منها أكثر فوجدتها تبتسم وتحدق من النافذة , هزتها .. يا سارة ما بك , ألم تسمعي؟ قلت حان وقت الغداء , التفتت سارة إليها أخيرا وقالت : حسنا .. أنا قادمة بعد أن أنتهي , أغلقت الأم الباب وعادت , لكن فجأة توقفت ! تذكر كلامها .. أنا قادمة بعد أن أنتهي .. فتحت الباب من جديد وصرخت : يا سارة ما بك , تنتهي من ماذا؟!  سألتها مرة أخرى لكن لم تلقى إجابة , اقتربت منها وقالت : هل أنت مريضة يا عزيزتي ؟ قالت سارة : انظري يا أمي هناك , ألم أكن جميلة وأنا طفلة ؟ صرخت الأم .. يا إلهي ! .. لا , أنت لست طبيعية أبدا ! يجب أن أحضر الطبيب , لم تكترث لكلامها وبقيت منسجمة مع مسلسل الذكريات الذي تعرضه النافذة , رأت نفسها عندما كانت طفلة وتلبس ذلك الفستان الأبيض وتلعب على المرجوحة , كان أخوها أحمد يهزها .. عندها كان عمره 5 سنوات , بعد أن كانت تبتسم وتضحك أخذت تبكي بصمت ونزلت دموعها على خدها , أين أحمد الآن؟ لقد ذهب ! .

دخلت امها فجأة ومعها الطبيب .. طلب الطبيب من سارة أن تستلقي على السرير وأخذ يجري الفحوصات اللازمة .. بعدما انتهى قال لأمها : لم أجد شيء غير طبيعي يا سيدتي , فإبنتك سليمة ولا تشكو من شيء , قالت له الأم بهمس : ولكن أيها الطبيب كانت تحدث نفسها وتضحك بشكل غريب ! همس لها الطبيب : هذا شيء طبيعي , إنها تمر بمرحلة صعبة .. لا تقلقي!, فقط اعتني بها وتفهمي وضعها .. شكرت الطبيب ورحل .. جلس الأم بجانب ابنتها وأظهرت لها الحنان وقالت : ما بك يا عزيزتي , ماذا ترين ؟ .. قالت سارة : هناك يا أمي تحت شجرة التين كانت مرجوحة , أين ذهبت ؟ قالت الأم : كانت لك وأنت صغيرة , أما الآن فلا أعلم ما جرى لها , تعلمين أن ذلك كان قبل 15 عاما , ولن تبقى المرجوحة صامدة كل تلك المدة .. قالت سارة : أذكر أن أبي أخبرني أنه وضعها في العلية , أريد أن أبحث عنها ؟ .. قالت الأم : حسنا , ولكن انتبهي لنفسك .

صعدت سارة إلى العلية .. وجدت أغراض كثيرة جدا تخص كل أفراد عائلتها .. غذت ذاكرتها بالذكريات , بحثت طويلا حتى وجدت المرجوحة , حملتها الى شجرة التين وربطتها على جذع الشجرة وجلست عليها , بدأت تهز نفسها , تخيلت أن أحمد يقف خلفها ويدفعها .. نظرت إلى نافذة غرفتها العالية , كانت هي هناك عندما كانت طفلة تنظر من النافذة وتلوح بيدها , نهضت سارة من مكانها وأخذت تلوح لها بيدها , نادتها .. أنت أنا وأنا أنت ! , لم لا تنزلي عندي , لقد أرجعت المرجوحة إلى مكانها , عودي للعب .. سوف أنظر اليك من النافذة .. صعدت الى غرفتها وانتظرت بجانب النافذة حتى شاهدت نفسها وهي طفلة تركض في الحديقة وأحمد يركض خلفها ويضحكان ببراءة .. بعد ذلك توجها إلى المرجوحة وأخذا يلعبان , كانت تراقب من النافذة وهي سعيدة للغاية وتبتسم .. لكن أحمد لم يستمر باللعب , لفت انتباهه عصفور جميل يقف عند حافة البئر يحاول أن يشرب , ركض أحمد باتجاهه محاولا امساكه .. صعد عند الحافة ومد يده لكنه سقط في البئر ! نهضت سارة وهي ترتجف وكانت عيونها جاحظة , نزلت مسرعة الى الحديقة ونظرت في البئر لعلها تعثر على أحمد , كان يبكي من الألم وهو يغرق , سمعت صوته يبكي ويصرخ ! .. صرخت بأعلى صوتها .. أنا قادمة اليك يا أخي .. ثم ألقت بنفسها في البئر .

بعد ساعة , دخلت أمها الى غرفتها .. نادتها .. سارة .. سارة .. حان وقت الغداء , لكنها لم تكن في غرفتها , أسرعت الى النافذة لترى إن كانت في الحديقة , لكن لم تجدها .. كان عند النافذة دفتر مذكرات يعود لسارة , كانت آخر مذكرة كتبتها .. رأيت أخي أحمد يحاول الإمساك بالعصفور عند البئر لكنه سقط فيه , خرجت من غرفتي لأنقذه .. صرعت الأم مما قرأت , سقط الدفتر من يدها .. لقد تحطمت , لم يبقى لها أحد في هذه الحياة .. ركضت الى البئر وهي تصرخ ونظرت فيه , رأت طيف سارة يناديها .. أمي أنا هنا .. مدت يدها لتنقضها لكنها سقطت في البئر .
بعد 5 سنين سكن البيت عائلة أخرى .. لم يصمدو طويلا في البيت بعد سماعهم لأصوات أطفال وضحكات , وطيف فتاة جالس قرب النافذة .

4 تعليقات :

pretty yoyo يقول...

(little princessسابقا)
بسم الله الرحمن الرحيم....

قصة تستحق القراءة......وتستحق أن توضع فى قسم الرعب والغموض.......أشدد على كلمة غموض....
وترجمة للاحاسيس والعواطف عند فقدان شخص عزيز حتى وان كانت خيالية...
الى الامام أخى سرالارض.....

pretty yoyo يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم
إن أحسست يوماً . . بأنك مرهق من ركض السنين
وإن ابتسامتك تختفي خلف تجاعيد الأيام
وإن الحياة أصبحت لا تطاق . .
إن شعرت إن الدنيا أصبحت سجنا لانفاسك
وإن الساعات لا تعني إلا مزيداً من ألم
وإن كل شئ أصبح موجعا . .
ارسم على وجهك ابتسامة من قهر واسكب من عينك دمـعـة مـن فرح...

amjad yaseen يقول...

أهلا بك أختي pretty yoyo دائما .

غير معرف يقول...

جميلة مخيفة غامضة تدكرني بأفلام الرعب خاصة THE RING
دمت بألف خير

إرسال تعليق

اترك تعليقك على القصة ...

 
كافة الحقوق محفوظة للكاتب © 2021