26‏/5‏/2011

رسائل قبر - جزء 2

في يوم خريفي مغبر , بعد أسبوعين على الرسالة الأولى .. خرجت الأرملة الحزينة التي أبت أن تخلع ثوبها الأسود , خرجت لتفقد صندوق بريدها لعل هناك رسائل من زوجها , لكن لا رسائل .. عادت خائبة الأمل لتجلس بقرب النافذة .

الرسالة الثانية
إلى زوجي العزيز علي ..

"أتمنى أن تكون قد قرأت رسالتي الأولى , انتظرت ردك لأسبوعين لكنه لم يأتي . ها قد أتى الخريف حيث كل ورقة خضراء تصفر وتسقط , الموت كالخريف يسقطنا عن شجرة الحياة , رأيتك عندما سقطت , صحت عليك وناديت فلا أدري إن سمعتني , كان الريح قوي فحملك بعيدا عني وتركتني معلقة على الشجرة أنتظر الخريف الموعود .

عزيزي .. لا يهم أن ترد على رسائلي , لأني أعلم أنه صعب عليك , المهم أن تقرأ وهذا ما أرجوه .. كما قلت لي من قبل أنك مختلف عن الآخرين وكذلك أنا , اكتشفت ذلك حديثا , لن أجعل الموت يمحيك من ذاكرتي , سأكتب لك حتى تجف كل الأقلام وحتى ينتهي الورق .. كيف أنت , كيف الحياة في عالمك , كيف تشعر , هل تشتاق لي كما أشتاق لك .. أتمنى أنك بخير وأتمنى أن تقرأ رسالتي . إلى اللقاء"

زوجتك سارة

أرسلت الرسالة للبريد وجلست تنتظر .. بعد أسبوع قرع بابها , خرجت لتجد ساعي البريد يحمل رسالتها قائلا .. أعتذر منك يا سيدتي , رسالتك رفضت , تعلمين أنك تكتبين رسائل لعناوين غريبة ولن نتوقع أن تصلهم أو يقرأونها , مدير البريد قال لي أن أقول لك بعض الكلمات , قال "الموتى لا يروون القصص ولا يقرأون" نحن نضع رسالتك على القبر فلا يحدث إلا أن تأكلها الحشرات , أعلم أن فقدك لزوجك مؤلم جدا وخاصة في مطلع زواجكما , سيدتي .. الحي أبقى من الميت , لا تعذبي نفسك لأن الحزن لا يعيد الموتى بل يدفع الناس إلى الجنون , أتمنى أن تفهميني .. هذه رسالتك خذيها .. أمسكت الرسالة وبكت بصمت بينما ساعي البريد هم بالذهاب , استوقفته وقالت .. انتظر , لا تذهب ! خذ رسالتي وأرسلها إلى القبر , أرجوك فأنت لا تفهم الموتى مثلي , إنهم يسمعون ويرون لكنهم لا يتكلمون , أنا متأكدة أنه سيرد علي ! .. أخذها ساعي البريد منها حتى لا يزيد حزنها  .

نساء البلدة تناقلن الكلام حول تصرفات زوجة علي إدوارد الغريبة حتى أصبح الجميع يعلم بقصتها مما زاد الحزن في قلوب الناس عليها , الجميع ذهب لمواساتها والتخفيف من مصابها , لم يشهد الناس إمرأة مثلها .. حبها الشديد لزوجها دفعها لحافة الجنون , بينما استمر حزن سارة ويدها لم تتوقف عن إرسال الرسائل , لكن البريد كان يعتذر بكثرة منها , والحشرات استمرت بأكل رسائلها لكن المضمون لا يختفي والكلمات لا تختفي والحب لا يختفي , سيبقى يحوم فوق القبر وسيبقى مخبئا داخل القلب .

لم تصدق من قالوا أن الأموات لا يروون القصص , في اليوم التالي في الليل شعرت سارة  بتعب وإجهاد , اكتشفت فيما بعد أنها حامل من زوجها المتوفى .. هذه هي الرسالة التي تركها زوجها لها , طفل جميل أنجبته فعادت تبتسم وأطلقت عليه اسم "علي" , علمت أن الحياة جميلة بوجود طفلها وكي تبقى تتذكر زوجها وضعت صورة كبيرة له على الحائط تحدق فيها كل يوم لمدة طويلة وحتى تري طفلها عندما يكبر كيف كان والده .

انتهى

7 تعليقات :

pretty yoyo يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم...

تكملة رائعة.....مثيرة ومعبرة....

اعجبتنى للغاية تلك القصة فكرتها مبتكرة اخى "سر الارض...وفقك الله والى الامام دائما

تقـــبل تـحـــيـــــاتى

amjad yaseen يقول...

مرحبا أختي pretty yoyo كيف حالك , سعيد لأنك هنا

-----------
تقبلي تحياتي

كريمة سندي يقول...

تكلمة رائعة تحياتي الصادقة

amjad yaseen يقول...

أهلا أختي كريمة
---------
تفبلي تحياتي

pretty yoyo يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم....

كما تعلم استاذ امجد هناك كلام كثير صدر مؤخرا عن عام2012...(نهاية العالم....تغيرات فى الكون...الخ...)

اقترح ان تصور لنا بقلمك الرائع هذا الموضوع فى قصة من ابداعك...

تــــــحـيـاتى

amjad yaseen يقول...

عزيزتي بريتي .. هناك قصة تحكي عن عام 2012 قد كتبتها منذ زمن عندما أنشأت مدوني وهي اول قصة لي , عنوانها 2012 , اكتبي العنوان في مستطيل البحث فوق وستجديها .. لكن إن كان قصدك قصة جديدة فليس هناك مشكلة سوف أكتبها , لكن أختي المشكلة هي مشكلة وقت لذا انتظري لأني حاليا أكتب في قصتين
---------------
تحياتي

pretty yoyo يقول...

بسم الله الرحمن الرحـــيم...

استاذى امجد :
لقد كتبت واحدة بالفعل!!!...

لا لم اكن اعنى قصة جديدة...ولكن لم اعرف بوجود القديمة اصلا..لاننى لم اكن موجودة وقت نشرك لها..
شكرا لارشادى لها...قرأتها...وبصراحة اعطيك عشرة من عشرة فى الحبكة والفكرة على حد سواء...

قررت ان ابدأ بقراءة جميع القصص التى فاتتنى وقت نشرها فى مدونتك...

بانتظــار جديدك اخى....تقبل تحياتى

إرسال تعليق

اترك تعليقك على القصة ...

 
كافة الحقوق محفوظة للكاتب © 2021